
يؤثر فصل الخريف بتقلباته الجوية وغياب الشمس وهيمنة الغيوم على الحالة المزاجية والطاقة العامة لدى الكثيرين حيث يدفع انخفاض درجات الحرارة وتناقص ضوء النهار الناس للشعور بالخمول والحزن أحيانا وهو ما يعرف بالاكتئاب الموسمي البسيط وتبرز هنا أهمية المشروبات الدافئة التي تقدم حلا مثاليا يتجاوز مجرد منح الدفء والراحة.
أوضحت الدكتورة مروة كمال أخصائية التغذية العلاجية أن هذه الفترة من العام يمكن أن تكون فرصة للتأمل والهدوء واستعادة التوازن النفسي والجسدي عبر عادات بسيطة مثل احتساء كوب من مشروب دافئ يساعد على استعادة السكينة وتجديد النشاط بشكل طبيعي بعيدا عن الإفراط في استهلاك الكافيين أو السكريات المصنعة.
يأتي مشروب الكاكاو الخام في مقدمة الخيارات التي ترتبط مباشرة بالشعور بالسعادة فهو يحتوي على مركبات طبيعية تحفز إنتاج هرمون السيروتونين المسؤول عن تحسين المزاج ويتميز الكاكاو الخام غير المحلى بكونه مصدرا غنيا بمضادات الأكسدة والمغنيسيوم مما يجعله فعالا في محاربة الإرهاق والتوتر العصبي ويمكن تحضيره بإذابة ملعقتين منه في كوب من الحليب سواء كان حيوانيا أو نباتيا كحليب اللوز مع إضافة لمسة من العسل أو القرفة لتعزيز النكهة والشعور بالدفء وهذا المشروب يمنح إحساسا بالطمأنينة ويخفف القلق.
يعتبر شاي القرفة والزنجبيل مزيجا مثاليا لأجواء الخريف فهو يجمع بين حرارة الزنجبيل المنشطة وحلاوة القرفة الطبيعية ليعمل على تحفيز الدورة الدموية ورفع درجة حرارة الجسم ومستوى الطاقة الذهنية والبدنية وتساهم القرفة في تعزيز الشعور بالراحة النفسية بينما يقلل الزنجبيل من الإحساس بالتعب كما أن له فوائد جسدية تتمثل في تقوية المناعة والمساعدة في حرق الدهون وتقليل الانتفاخ ويمكن إضافة شريحة ليمون إليه لزيادة محتواه من فيتامين سي.
يُعرف مشروب الكركم بالحليب باسم الحليب الذهبي في الطب الهندي التقليدي وهو يجمع بين فوائد الكركم المضادة للالتهابات والمهدئة للأعصاب مع تأثير الحليب المريح ولتحضيره يسخن كوب من الحليب مع نصف ملعقة صغيرة من الكركم ورشة فلفل أسود ضرورية لتعزيز امتصاص مادة الكركمين الفعالة مع تحليته بملعقة عسل صغيرة ويساعد هذا المشروب الذهبي على تخفيف القلق وتحسين جودة النوم ومنح الجسم دفئا داخليا يطرد الخمول كما أنه مضاد قوي للأكسدة يفيد في تجديد خلايا البشرة.
في فترات الانتقال الفصلي يزداد شعور البعض بالتوتر وصعوبة النوم وهنا تظهر فائدة المشروبات العشبية المهدئة مثل شاي اللافندر والبابونج فاللافندر مشهور بخصائصه التي تقلل القلق بينما يساعد البابونج على الاسترخاء العميق وتحسين النوم ويتم تحضيره بنقع أزهار البابونج المجففة مع القليل من زهر اللافندر في ماء مغلي لمدة خمس دقائق ليقدم مشروبا يعيد التوازن العصبي بعد يوم متعب ويخفف من الصداع ويهدئ الجهاز الهضمي.
لمحبي القهوة يمكن تحويل فنجانهم الصباحي إلى تجربة أكثر دفئا وهدوءا خلال الخريف عبر استبدال السكر بالعسل وإضافة رشة من القرفة فبينما ترفع القهوة التركيز والانتباه يمنح العسل طاقة تدريجية للجسم دون أن يسبب هبوطا مفاجئا في المزاج أما القرفة فتبطئ من امتصاص الكافيين مما يوفر طاقة أكثر استقرارا ويقلل التوتر العصبي الذي قد ينتج عن شرب القهوة السوداء بكميات كبيرة.
يعد شاي الماتشا خيارا ممتازا لمن يبحث عن طاقة هادئة ومستمرة دون الشعور بالتوتر أو خفقان القلب السريع الذي قد تسببه مشروبات الكافيين الأخرى فهو يحتوي على نسبة متوازنة من الكافيين مع أحماض أمينية تعمل على تهدئة الأعصاب وتعزيز صفاء الذهن والتركيز كما أنه يقلل من تقلبات المزاج وينشط عمليات الأيض ويحفز حرق الدهون ويمكن إعداده على شكل لاتيه ماتشا دافئ بخفقه مع الحليب النباتي والقليل من العسل.
لا يكتمل الحديث عن الخريف دون ذكر مشروب التفاح بالقرفة الذي يمنح إحساسا فوريا بالدفء وتملأ رائحته المكان بطاقة إيجابية مبهجة ويمكن تحضيره بسهولة بغلي عصير التفاح الطبيعي مع عود من القرفة وشريحة صغيرة من الزنجبيل وهو مشروب لا تقتصر فائدته على مذاقه ورائحته التي تحفز الذاكرة العاطفية وتمنح شعورا بالطمأنينة بل يمتد ليشمل دعمه للمناعة بفضل غناه بالفيتامينات ومضادات الأكسدة.
ينصح بجعل لحظة تحضير هذه المشروبات طقسا يوميا خاصا للاسترخاء والاستمتاع بالروائح العطرية والدفء ويمكن إضافة لمسات شخصية إليها كرشة فانيليا أو قطرات من ماء الورد أو حتى شرائح من الفواكه الموسمية كالتفاح والكمثرى لتعزيز التجربة وجعلها أكثر متعة وفائدة.