شهدت أسواق المعادن الثمينة المحلية موجة صعود غير مسبوقة دفعت سعر الجنيه الذهب في مصر إلى تسجيل مستويات تاريخية جديدة دون احتساب قيمة المصنعية ويأتي هذا الارتفاع القياسي مدفوعا بشكل مباشر بالقفزة الهائلة التي حققتها الأونصة عالميا حيث تمكنت من اختراق حاجز نفسي مهم للمرة الأولى في تاريخها.
تصاعدت حدة التوترات التجارية مجددا بين الولايات المتحدة والصين مما أثر سلبا على الأسواق العالمية حيث أدت تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول عدم وجود داع للقاء نظيره الصيني شي جين بينغ إلى حالة من القلق في أوساط المستثمرين وأدى ذلك إلى انهيار مؤشرات الأسهم الأمريكية قبيل إغلاق تعاملات الأسبوع حيث تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 2.7% بينما هبط مؤشر ناسداك لشركات التكنولوجيا بنسبة 3.6% مما دفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن.
في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر تعززت مكانة الذهب كأصل آمن حيث أدى تجدد الحرب التجارية إلى إضعاف الدولار الأمريكي الذي انخفض بنسبة 0.6% مما يوفر دعما قويا لأسعار المعدن الأصفر نظرا للعلاقة العكسية التي تربطهما كما يزداد الطلب على الذهب نتيجة للمخاوف من التأثيرات السلبية المحتملة للنزاع التجاري على معدلات النمو ومستويات الأسعار عالميا.
يراقب المستثمرون عن كثب مجموعة من المخاطر الجيوسياسية الأخرى التي تزيد من جاذبية الذهب وتشمل هذه المخاطر احتمالية انهيار الحكومة الفرنسية والتوترات المتصاعدة في اليابان بالإضافة إلى استمرار حالة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وكل هذه العوامل مجتمعة تمنح الذهب زخما قويا وتدعمه لمواصلة مسيرة الصعود نحو تسجيل أرقام قياسية جديدة.
سجلت أسعار الذهب في السوق المصرية ارتفاعات ملحوظة حيث وصل سعر جرام الذهب من عيار 24 إلى 6166 جنيها وبلغ سعر جرام الذهب من عيار 21 الأكثر انتشارا 5395 جنيها فيما سجل سعر جرام الذهب من عيار 18 قيمة 4624 جنيها ونتيجة لذلك قفز سعر الجنيه الذهب ليصل إلى 43160 جنيها.
على الصعيد العالمي تمكن سعر أونصة الذهب من تحقيق مكاسب أسبوعية بلغت نسبتها 3.4% بعد أن افتتحت التداولات عند مستوى 3891 دولارا لتغلق عند 4016 دولارا وقد سجلت أعلى مستوى تاريخي لها عند 4059 دولارا خلال الأسبوع الماضي ويشير التحليل الفني للأسواق إلى أن الذهب ارتفع منذ بداية العام بنسبة 53% مما يعزز فرص استمراره في تحقيق المزيد من الصعود.
تترقب الأسواق أيضا قرارات السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حيث يتوقع المستثمرون أن يقوم البنك بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل من شهر أكتوبر وديسمبر القادمين ويأتي ذلك بعد قراره الأول هذا العام بخفض الفائدة في ديسمبر مما يقلل من تكلفة حيازة الذهب الذي لا يدر عائدا.
بشكل عام ورغم أن سرعة الارتفاع في أسعار الذهب خلال الأسابيع الأخيرة قد تفتح الباب أمام بعض التراجعات التصحيحية على المدى القصير إلا أن النظرة المستقبلية على مدار العامين المقبلين تشير إلى احتمالية قوية بأن أسعار الذهب سترتفع بشكل حاد مدعومة بالظروف الاقتصادية والسياسية العالمية.
