
أوضح خبير العلاقات الإنسانية أحمد أمين أن الانسحاب العاطفي بين الشركاء لا يمثل نهاية مفاجئة للحب بل هو تآكل تدريجي للمشاعر يحدث ببطء شديد مع مرور الوقت حيث تتسع الفجوة بين الطرفين دون أن يدركا ذلك في البداية ما يحول العلاقة إلى مجرد تعايش جسدي خال من أي تواصل نفسي حقيقي.
وتظهر مؤشرات واضحة تنذر بوجود حالة من الانسحاب العاطفي داخل العلاقة أبرزها تراجع وتيرة الحديث والمشاركة بين الشريكين بشكل ملحوظ ويصاحب ذلك فقدان الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة التي كانت تشكل جوهر العلاقة في السابق كما يسيطر برود المشاعر حتى في المواقف التي يفترض أن تكون مؤثرة ويحل الصمت محل النقاش أثناء الخلافات ويشعر أحد الطرفين أو كلاهما بأن العلاقة باتت باردة وميتة.
ويرجع الانسحاب العاطفي إلى مجموعة من الأسباب العميقة التي تتراكم مع الزمن فالتكرار المستمر لنفس الخلافات دون التوصل إلى حلول جذرية يدفع أحد الأطراف إلى التراجع لحماية نفسه من الإرهاق النفسي كذلك فإن الإهمال العاطفي الذي يحول الحب بمرور الوقت إلى مجرد عادة روتينية بلا دفء أو شغف يعد سببا رئيسيا كما أن الخوف من الصدام أو الرفض يجعل البعض يفضل الابتعاد بصمت على خوض مواجهة مؤلمة وقد يكون الضغط النفسي الشديد الذي يثقل كاهل الشريك دافعا له للابتعاد تدريجيا.
ووصف أمين هذه الحالة بأنها انفصال داخلي يفقد فيه الشخص رغبته في التعبير والمشاركة والتواصل فيبدو هادئا من الخارج لكنه في الحقيقة يعيش صراعا داخليا عميقا يتأرجح فيه بين الشعور بالبرود والخوف من المواجهة والاستسلام لفكرة أن جميع محاولات الإصلاح قد باءت بالفشل.
وللتعامل مع هذا الوضع المعقد نصح الخبير بضرورة فتح مساحة آمنة للحوار الصريح بين الطرفين بعيدا عن توجيه اللوم والاتهامات فالمفتاح يكمن في محاولة فهم الأسباب الكامنة وراء صمت الطرف الآخر بدلا من مهاجمته وأكد على أهمية اعتراف كل طرف بمسؤوليته عن تدهور العلاقة لأن الوعي بالمشكلة هو أولى خطوات الحل وليس إلقاء التهم جزافا ويمكن اللجوء إلى الإرشاد الزوجي أو العلاج النفسي كأداة فعالة لإعادة بناء جسور التواصل قبل أن تصل العلاقة إلى نقطة اللاعودة.
ويشير أمين إلى أن الانسحاب العاطفي ليس بالضرورة قرارا واعيا يتخذه الشخص بل هو في كثير من الأحيان صرخة صامتة تعبر عن التعب والإرهاق ويبدأ إصلاح العلاقة الحقيقي عندما يتمكن الطرف الآخر من الإصغاء إلى هذه الصرخة وفهمها بدلا من تجاهلها.