لم يكن يدرك أن حلمه البسيط سيأخذه من أزقة الجزائر إلى ملاعب أوروبا، وصولًا إلى الصعود التاريخي، الثلاثاء، مع فريق نيوم الأول لكرة القدم إلى دوري المحترفين السعودي في نسخته المقبلة.
على بُعد خطوات من شواطئ وهران الساحرة، وُلد سعيد بن رحمة في 10 أغسطس 1995، في عين تموشنت، حيث بدأت حكاية طفل حافي القدمين يركل الكرة في شوارع المخيم الخامس، لا تمحى من ذاكرته لذا يقول نبرة تمزج الحنين بالفخر: «كنت أمارس المراوغة حافيًا، الجزائريون يعشقون الإبداع في الملعب، إنها موهبة فطرية».
في ضواحي تولوز، واجه سخرية زملائه بسبب لكنته وصعوبة نطقه الفرنسية، لكن والدته، عموده الفقري، كانت درعه، عن ذلك يقول بامتنان: «كانت طفولتي صعبة، خاصة عندما وصلت إلى فرنسا.. أمي، أختي، وجدتي كنّ يزرعن فيَّ الثقة كل يوم».
في سن السادسة، انضم إلى نادٍ محلي، حاملًا حلم والده بأن يصبح نجمًا، وفي 2010 بدأت رحلته الاحترافية في نادٍ للهواة بتولوز، ثم كولومبييه، حيث لفت الأنظار بمهاراته الساحرة.
أندية كبرى مثل موناكو وبوردو ونيس تنافست لضمه، ليوقّع مع نيس في 2013.
في سن الثامنة عشرة، حصل على فرصته الأولى في الدوري الفرنسي، لكن الإصابات وقلة ثقة المدربين عطَّلت انطلاقته.
شارك في 18 مباراة فقط، سجّل وصنع 6 أهداف، ثم بدأ رحلة الإعارات إلى أنجيه، أجاكسيو، وشاتورو.
في شاتورو بدوري الدرجة الثانية الفرنسي 2017ـ2018، استعاد بن رحمة بريقه، مساهمًا في 15 هدفًا، ما جذب أنظار برينتفورد الإنجليزي. في 2018، عبر القناة لينضم إلى النادي، حيث أبهر الجميع.
خلال موسمين، سجَّل 27 هدفًا وقدَّم 27 تمريرة حاسمة في 83 مباراة، ليصبح نجمًا لافتًا.
هذا الأداء فتح أبواب وست هام يونايتد، الذي ضمه على سبيل الإعارة في 2020، ثم بشكل دائم في 2021. مع وست هام، لعب 110 مباريات في البريميرليج، سجَّل 15 هدفًا وصنع 16، وكان بطلًا في تتويج الفريق بلقب دوري المؤتمر الأوروبي 2023، حيث سجَّل ركلة جزاء حاسمة في النهائي.
في فبراير 2024، عاد بن رحمة إلى فرنسا مع أولمبيك ليون على سبيل الإعارة، حيث سجَّل هدفًا وصنع 3 في 13 مباراة بالدوري، وأضاف هدفًا في الدوري الأوروبي، لكنه كان يتوق إلى تحدٍ أكبر.
في صيف 2024، اتخذ قرارًا جريئًا بالانضمام إلى نيوم على سبيل الإعارة مع خيار الشراء.
القرار لم يكن رياضيًّا فقط، بل عاطفيًّا.. والدته، التي يكنّ لها حبًا عميقًا، كانت تحلم بالعيش في بلد مسلم، قبل أعوام حقق لها حلم الحج، والآن يواصل إسعادها بانتقاله إلى السعودية.
في نيوم، أثبت بن رحمة أن رهان النادي عليه كان في محله، قاد الفريق إلى الصعود التاريخي الأول إلى دوري المحترفين السعودي، ليصبح رمزًا للإنجاز.
بن رحمة ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل رمز للصمود والطموح، يحمل في قلبه حلم طفولته وفخر عائلته.
بن رحمة.. تجاوز الماضي وكتب التاريخ مع نيوم

بن رحمة.. تجاوز الماضي وكتب التاريخ مع نيوم
0 تعليق